الأحد، 1 نوفمبر 2009

لــاـ شيء يــهـم؟!.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
:

لــاـ شيء يــهـم.. فـ هــل حـقاً؟!i.

::

على مدارالأربع و عشرين ساعة، هناك وقت هو الأقرب إلى قلبي، إذ أني أحب الليل حباً جماً. ففي الليل أشتم عبق الخصوصية في الظلام، و أدرس معنى الإنعزال و التوحد، و أعرف كيف أجعل مني أنا و روحي وتفكيري عالم هو الأكبر من العالم الحقيقي الذي يحيط بي. عالم كبير يكبر كلما توسعت رقعة تفكيري، ذا العالم كفيل بأن يسرق من عيني النوم و يهديني باقات السهاد كلها أحيانا، والإعياء ما يجعلني أطارد النوم متمنياً إياه ولو كنت أنفر منه... فـ عيناي نفسها لا تفهم معنى الأرق ولا يتفهم جسدي رغبة روحي حين أصرخ بصمت "لا أريد أن أنام... لا أريد..". عموماً كل هذا لا يهمني في هذه اللحظة، فأنا لا أريد أن أعبر ما الليل بالنسبة لي، وما النوم في قاموسي!

لكن، الكارثة أن في الليل يحدث كل شيء، في الليل يستيقظ كــــل الذكريات، جميلها و قبيحها، وفي الليل أُجهضُ المشاعر، تتوالد الأمنياتـ، تموت أخرياتــ.. فأشعر ما لا أشعر به طوال اليوم... نعم في الليل أتذكر كل شيء... و في الليل أيضاً يحدث أن أريد نسيان كل شيء علّني أهنأ بالسباتــــ، لا حبا فيه بل حبا في الهروبـ/التهرّب... فهل يفيدني أن أعيش الماضي وأنوح على ما انقضى... أو أعيش المستقبل كما أتمنى... أو أتخيل المستحيل لتحقيق المستحيل... أو أصيّر الأوهام حقيقة تارة و تارة أخرى أصيرني وهماً ينتمي لعالم الأوهام؟؟؟ هل يفيد كل ذاك... كلا. عموما، لا يهم إن كنت أحب الأوهام أم أفضل عيش الحقيقة و لو كانت مريرة...

فالحقائق باتت تشبه الأوهام إلى حد الترادف... أحيانا يصبحان وجهان لعملة واحدة، إي والله... فماذا يعني أن أعيش مع شخص زمن وكأنه توأم روحي ثم يرحل بي الزمان بعيدا عنه فينساني أو يتناسني؟؟؟ فماذا يعني أن أتذكر الحقائق التي كانت بيننا... فالحقيقة هنا أننا يوما كنّا معاً... وناقشنا معا... وضحكنا معا... وأكلنا معاً وإلى الـ ما لا نهاية من الحقائق التي لا تنكرها صحائف الأعمال... وعندما أتذكر الآن تلك الحقائق لا أشعر أبداً أن بينها وبين أن أتوهم حدوثها أي فرق... كل هذا لا يهم... فعلاً لا يهم...

إنّ ما يوهّج المقل... أن أكون أتذكرهم في كل لحظة... وأن لا أستاء من تطفلهم الدائم على ذاكرتي، في حين - مع الأسف - لا يتطفلون أبداً حقيقةً على حياتي فيسألون ما حل بي وما حالي.. وهل ما زلتُ أناجي طيفهم وظلالهم في حلي وترحالي؟!! آه... ليت أحدهم يشعر بعض مما أتمنى أن يشعروا... ليت أحدهم يعلم ما أكن بداخلي تجاهه... فلو علموا لرأوهم الناس يتبخترون تبختر الملوك بأني أهيم بهم إلى هذا الحد... المهم... كل هذا لا يهم...

لا يهم كم أتمنى أن يسألوا عني... لا يهم كم أتمنى أن يعلموا ما أكن لهم... لا يهم حتى كم أرجوا أن يكونوا بخير من دوني... لا يهم أن أكون ضحية الشوق أم ضحية حادثة مرورية أو ضحية أزمة قلبية -لا سمح الله-... فعلاً كل ذا لا يهم... يهمني أن أتذكرهم في دعواتي... مناجاتي... يهمني أن أحتويهم في حنايا صدري إلى الأبد... أضمهم... أعانقهم... بـ سكتٍ طويل و زفير أطول... يهمني أن أكون وفيا، أعيش وفيا و أموت وفيا! إذ لا يهمني التذكّر قدر ما يهمني الوفاء...

ليبعدني الله عن ذاكرتهم ما كنت طفيلياً مؤذياً يعكر صفو حياتهم... أما لو كنت نسيماً عليلاً يهب على أرواحهم الطاهرة، فيلطفها و يزيل ما تعلق بها من درنات الهم و الغم أو على الأقل يحاول دفع الحزن ما استطاع، فليجعلني الله عبداً شكوراً يجزل على المنان بالحمد والثناء ليلاً ونهاراً...

وما يؤرقني هنا، أن يكنّ أحد تجاهي، نفس المشاعر التي تلفّظت بها يداي على لوحة المفاتيح... ما كنت لأبوح بها لأحد و لا هنا إلا لأن الكبت قد سدّ القصبات الهوائية فما عدت أجيد عمليتا الشهيق و الزفير. فإن كان أحداً يبادلني الشعور ذاته، ويؤذيه الظن أني غيّبته من عالمي، فإني لأتمنى و أدعو أن يجود علي قلبه بالعفو و يدعو الله لأن أتذكره بالخير فأدعو له وأرسل له الأشواق ولو بالتخاطر!... هممممممـ مع أنه لا يهم كم أهتم بالتخاطر... ولا يهم كم أرسل الأشواق و الحنين... ولا كم أرجو اللقـــا و لو في الأحلام... ولا يهم أيضاً كم أتمنى أن لا أهتم فعلاً... لا شيء يهم... لا شيء!!!

لا شيء يهم فعلاً طالما لا نعطيه الأهمية... ومتى ما حملنا الأمر محمل الجد، وأعطيناه من الوقت و الفكر الكثير، يصبح ذات أهمية و لو قلنا "لا يهم" مرات و مرات عديدة... هو القهر... هو الألم... هو الكبرياء... ما يجعلنا نتلفظ الـ "لا يهم" بعدد مرات الإهتمام و مع زيادة الاهتمام لشدة الاهتمام بالأمر الذي لا يهم!

فهل لا شيء يهم حقا؟!!


MarOon

ليست هناك تعليقات: